مسيرة التعليم في مصر ( 1 )
مسيرة التعليم في مصر ( 1 )
الخلافة العثمانية (1517–1805م)
الخلافة العثمانية (1517–1805م)
أهمل العثمانيون التعليم في مصر ولم يحدثوا أي تطوير فيه حتى ظل مقتصراً على المسجد والكتاب، بل تعرضت كثير من الكتاتيب وحلقات التدريس والزوايا في المساجد للاندثار، وعانى جامع الأزهر ــــــ بعد إعادة افتتاحه ــــــ من تقلص ميزانيته ليقتصر فيه التعليم على تحفيظ القرآن وشروح الكتب الدينية، فأصبح الطالب يحضر سنتين أو ثلاث سنوات في المسجد أو الكتاب ليعلمه الشيخ الصلاة وحفظ القرآن وتجويده والخط، وبعد أن ينتهي الطالب من التعليم بالمسجد أو الكتاب يتوجه للدراسة بالمدارس الدينية التي بناها سلاطين الأيوبيين وأمراء المماليك، واستمر غياب العلوم العقلية عن النظام التعليمي، فإن أرادت أسرة أن تعلم إبنها قواعد الحساب كانت ترسله للقباني بالسوق ليتعلم الأوزان.
أهمل العثمانيون التعليم في مصر ولم يحدثوا أي تطوير فيه حتى ظل مقتصراً على المسجد والكتاب، بل تعرضت كثير من الكتاتيب وحلقات التدريس والزوايا في المساجد للاندثار، وعانى جامع الأزهر ــــــ بعد إعادة افتتاحه ــــــ من تقلص ميزانيته ليقتصر فيه التعليم على تحفيظ القرآن وشروح الكتب الدينية، فأصبح الطالب يحضر سنتين أو ثلاث سنوات في المسجد أو الكتاب ليعلمه الشيخ الصلاة وحفظ القرآن وتجويده والخط، وبعد أن ينتهي الطالب من التعليم بالمسجد أو الكتاب يتوجه للدراسة بالمدارس الدينية التي بناها سلاطين الأيوبيين وأمراء المماليك، واستمر غياب العلوم العقلية عن النظام التعليمي، فإن أرادت أسرة أن تعلم إبنها قواعد الحساب كانت ترسله للقباني بالسوق ليتعلم الأوزان
.
كان هذا هو شكل التعليم المخصص للمسلمين في ذلك الوقت، أما الأقباط واليهود فكان تعليمهم يقتصر على الكتاتيب الخاصة بهم، فكان كتاب الأقباط مختلف نسبياً عن المسلمين حيث يتعلم فيه الطفل الدين واللغة العربية والقبطية بجانب تدريس الحساب، ولم يكن لدى الأقباط أي ترقي في التعليم بعد تلك المرحلة، أما اليهود فكانت لهم كتاتيب ملحقة بالمعابد اليهودية لتعليم الدين واللغة العبرية.
كان هذا هو شكل التعليم المخصص للمسلمين في ذلك الوقت، أما الأقباط واليهود فكان تعليمهم يقتصر على الكتاتيب الخاصة بهم، فكان كتاب الأقباط مختلف نسبياً عن المسلمين حيث يتعلم فيه الطفل الدين واللغة العربية والقبطية بجانب تدريس الحساب، ولم يكن لدى الأقباط أي ترقي في التعليم بعد تلك المرحلة، أما اليهود فكانت لهم كتاتيب ملحقة بالمعابد اليهودية لتعليم الدين واللغة العبرية
go to
.
وفي هذه الفترة أنشأ الرهبان الفرنسيسكان أول مدرسة أجنبية في مصر بكنيستهم بحي الموسكي عام 1732، حيث بدأت هجرة كاثوليك الشام إلى مصر منذ عام1731 بسبب الاضطرابات الطائفية هناك، وكان كاثوليك الشام مواكبين لمظاهر التعليم الغربي حيث تلقوا تعليمهم في المدارس التي أسستها الإرساليات التبشيرية المسيحية في بلادهم، وكانت هذه المدرسة تدرس اللغة الإيطالية وتوفر لكاثوليك الشام نظام تعليمهم.
وفي هذه الفترة أنشأ الرهبان الفرنسيسكان أول مدرسة أجنبية في مصر بكنيستهم بحي الموسكي عام 1732، حيث بدأت هجرة كاثوليك الشام إلى مصر منذ عام1731 بسبب الاضطرابات الطائفية هناك، وكان كاثوليك الشام مواكبين لمظاهر التعليم الغربي حيث تلقوا تعليمهم في المدارس التي أسستها الإرساليات التبشيرية المسيحية في بلادهم، وكانت هذه المدرسة تدرس اللغة الإيطالية وتوفر لكاثوليك الشام نظام تعليمهم
.
من ناحية أخرى تم إنشاء مدرسة أجنبية خاصة بتعليم أبناء الجالية اليونانية الأرثوذكسية الموجودة في مصر. وعندما جاءت الحملة الفرنسية لمصر(1798-1800) أنشأ الفرنسيون مدرستان لتعليم أبنائهم باللغة الفرنسية.
من ناحية أخرى تم إنشاء مدرسة أجنبية خاصة بتعليم أبناء الجالية اليونانية الأرثوذكسية الموجودة في مصر. وعندما جاءت الحملة الفرنسية لمصر(1798-1800) أنشأ الفرنسيون مدرستان لتعليم أبنائهم باللغة الفرنسية
.
أسرة محمد على:
أسرة محمد على
:
محمد علي (1805-1848م )
محمد علي (1805-1848م )
تولى محمد علي حكم مصر، وقام بمصادرة كافة ممتلكات الأوقاف وهو ما مثل ضربة قوية للتعليم الأساسي في مصر المتمثل في الكتاتيب والمساجد والمدارس الدينية، وفي الوقت ذاته لم يجد محمد علي في مصر رجال أكفاء يمكن أن يعتمد عليهم في بناء الدولة الحديثة مما دفعه في 1816 إلى افتتاح أول مدرستين في القلعة، خصصت واحدة منهم لتعليم القراءة والكتابة واللغة التركية والفارسية والإيطالية والقرآن وممارسة الرياضة والوسائل العسكرية واستخدام السلاح، بينما خصصت الأخرى لتدريس الحساب والهندسة والرياضيات واللغة الإيطالية.
تولى محمد علي حكم مصر، وقام بمصادرة كافة ممتلكات الأوقاف وهو ما مثل ضربة قوية للتعليم الأساسي في مصر المتمثل في الكتاتيب والمساجد والمدارس الدينية، وفي الوقت ذاته لم يجد محمد علي في مصر رجال أكفاء يمكن أن يعتمد عليهم في بناء الدولة الحديثة مما دفعه في 1816 إلى افتتاح أول مدرستين في القلعة، خصصت واحدة منهم لتعليم القراءة والكتابة واللغة التركية والفارسية والإيطالية والقرآن وممارسة الرياضة والوسائل العسكرية واستخدام السلاح، بينما خصصت الأخرى لتدريس الحساب والهندسة والرياضيات واللغة الإيطالية
.
كان تفكير محمد علي منصب على توسيع رقعة دولته وتأسيس جيش وطني، مما دفعه إلى إنشاء المدارس الجهادية التي كانت بمثابة البداية الحقيقية لاهتمامه بالتعليم المدني وإرسال بعثات تعليمية للخارج، حيث أدرك محمد علي ضرورة الاهتمام بالتعليم المدني وإنشاء المدارس التي تخدم احتياجات الجيش مثل مدرسة الهندسة والطب والصيدلة وغيرها.
كان تفكير محمد علي منصب على توسيع رقعة دولته وتأسيس جيش وطني، مما دفعه إلى إنشاء المدارس الجهادية التي كانت بمثابة البداية الحقيقية لاهتمامه بالتعليم المدني وإرسال بعثات تعليمية للخارج، حيث أدرك محمد علي ضرورة الاهتمام بالتعليم المدني وإنشاء المدارس التي تخدم احتياجات الجيش مثل مدرسة الهندسة والطب والصيدلة وغيرها
.
من الملاحظ أن بداية مشروع محمد علي التعليمي كان بالمدارس العليا المتخصصة وانطلق منها للاهتمام بالتعليم الأساسي التمهيدي ليزود المدارس العليا بطلبة مؤهلين، فقام بإعادة فتح 41 كتاب وتحويلها إلى مدارس في المحافظات المختلفة وسميت بمدارس المبتديان ــــ المدارس الإبتدائية ــــــ وعين مشايخ الأزهر نظار لها، وكان التعليم في هذه المدارس مقتصر على القراءة والكتابة ومبادئ الحساب والقرآن.
من الملاحظ أن بداية مشروع محمد علي التعليمي كان بالمدارس العليا المتخصصة وانطلق منها للاهتمام بالتعليم الأساسي التمهيدي ليزود المدارس العليا بطلبة مؤهلين، فقام بإعادة فتح 41 كتاب وتحويلها إلى مدارس في المحافظات المختلفة وسميت بمدارس المبتديان ــــ المدارس الإبتدائية ــــــ وعين مشايخ الأزهر نظار لها، وكان التعليم في هذه المدارس مقتصر على القراءة والكتابة ومبادئ الحساب والقرآن
.
أغلق محمد علي المدرسة اليونانية ـــــ التي كانت موجودة منذ نهاية القرن 18م ـــــــ لينضم الطلبة اليونانيون للدراسة في المدارس الحكومية، وكان يرفض بشدة إنشاء مدارس أجنبية طوال فترة حكمه على الرغم من الجهود المضنية التي قامت بها الإرساليات التبشيرية الكاثوليكية الفرنسية والإنجليزية والألمانية لتأسيس مدارس خاصة بهم، فهو لم يسمح لأحد سوى الأرمن ـــــ نتيجة لتقرب بعض الشخصيات الأرمنية منه وبحجة أنهم يريدون الحفاظ على هويتهم وعاداتهم وتقاليدهم حتى لا يذوبوا داخل المجتمع ـــــ بفتح مدرسة خاصة بهم للتعليم الأساسي في 1828 ومدرسة أخرى فتحها أويس سمعاني الرومي في 1829 لتعليم اللغات الفرنسية والإيطالية.
أغلق محمد علي المدرسة اليونانية ـــــ التي كانت موجودة منذ نهاية القرن 18م ـــــــ لينضم الطلبة اليونانيون للدراسة في المدارس الحكومية، وكان يرفض بشدة إنشاء مدارس أجنبية طوال فترة حكمه على الرغم من الجهود المضنية التي قامت بها الإرساليات التبشيرية الكاثوليكية الفرنسية والإنجليزية والألمانية لتأسيس مدارس خاصة بهم، فهو لم يسمح لأحد سوى الأرمن ـــــ نتيجة لتقرب بعض الشخصيات الأرمنية منه وبحجة أنهم يريدون الحفاظ على هويتهم وعاداتهم وتقاليدهم حتى لا يذوبوا داخل المجتمع ـــــ بفتح مدرسة خاصة بهم للتعليم الأساسي في 1828 ومدرسة أخرى فتحها أويس سمعاني الرومي في 1829 لتعليم اللغات الفرنسية والإيطالية
.
وحتى يتخلص محمد علي من نفوذ الأوروبيين وحاجته إليهم في إدارة المدارس وشئون الدولة المختلفة فكر في إرسال بعثات تعليمية للخارج، والحقيقة أن هذه البعثات كانت نقطة تحول في المجتمع المصري، حيث أصبح لمصر خبراء في المجالات المختلفة تلقوا تعليمهم في الخارج وتولوا مناصب عليا، من ناحية أخرى كانت هذه البعثات بداية ظاهرة الزيجات من الأجنبيات والانفتاح على الثقافة الغربية.
وحتى يتخلص محمد علي من نفوذ الأوروبيين وحاجته إليهم في إدارة المدارس وشئون الدولة المختلفة فكر في إرسال بعثات تعليمية للخارج، والحقيقة أن هذه البعثات كانت نقطة تحول في المجتمع المصري، حيث أصبح لمصر خبراء في المجالات المختلفة تلقوا تعليمهم في الخارج وتولوا مناصب عليا، من ناحية أخرى كانت هذه البعثات بداية ظاهرة الزيجات من الأجنبيات والانفتاح على الثقافة الغربية
.
ازداد عدد المدارس في عهد محمد علي ليصل إلي 1500 مدرسة مما استدعى الأمر إنشاء ديوان المدارس عام 1837 الذي أصبح فيما بعد نظارة المعارف، ومع إدخال العلوم والمعارف الحديثة اقترح العائدون من بعثات الخارج على محمد علي ضرورة إضافة مرحلة تعليمية تؤهل طالب التعليم الابتدائي قبل الالتحاق بالمدارس المتخصصة، وهو ما جعله يفتتح المدرسة التجهيزية (الإعدادية) بالقاهرة عام 1839 لتكون مدة الدراسة فيها خمس سنوات يلتحق بعدها الطالب بالمدارس المتخصصة.
ازداد عدد المدارس في عهد محمد علي ليصل إلي 1500 مدرسة مما استدعى الأمر إنشاء ديوان المدارس عام 1837 الذي أصبح فيما بعد نظارة المعارف، ومع إدخال العلوم والمعارف الحديثة اقترح العائدون من بعثات الخارج على محمد علي ضرورة إضافة مرحلة تعليمية تؤهل طالب التعليم الابتدائي قبل الالتحاق بالمدارس المتخصصة، وهو ما جعله يفتتح المدرسة التجهيزية (الإعدادية) بالقاهرة عام 1839 لتكون مدة الدراسة فيها خمس سنوات يلتحق بعدها الطالب بالمدارس المتخصصة
.
وفي أعقاب التوقيع على معاهدة لندن عام 1841
[1]
تدهور الوضع الاقتصادي، فأغلقت غالبية المدارس الابتدائية لينتهي الحال بأن يتبقى ثلاث مدارس ابتدائية فقط، وأغلقت المدرسة التجهيزية (الإعدادية) الوحيدة ومعظم المدارس التخصصية في عام 1842 مع استمرار البعثات التعليمية للخارج
.
كانت فترة انهيار مشروع
هي نفسها الفترة التي شهدت اختراق سلمي أوروبي للمجتمع المصري، فمع توقيع معاهدة لندن 1841 حدث زخماً في نشاط الإرساليات التبشيرية والجاليات الأجنبية في القاهرة والإسكندرية، فأنشأت الإرساليات الكنسية الإنجيلية (البريطانـية تحديداً) أول مدرستين لهم في القاهرة، وقام اليهود بفتح مدارس خاصة بهم في القاهرة واحدة للبنين وأخرى للبنات، ونشطت الجالية اليونانية بالإسكندرية والقاهرة لجمع التبرعات من العائلات اليونانية بالإسكندرية لإنشاء مدرسة يونانية بالقاهرة وأخرى بالإسكندرية لتقديم تعليم مطابق للمناهج في اليونان
.